لغة سكان جزيرة مالطة هي على الأرجح أغرب اللغات المتداولة في أوروبا. إنها لغة عربية تكتب معظم حروفها بالاتينية ولكنها لا تنتمي لمجموعة اللغات السامية. تقرير زيغريد ديتلوف
عندما يتحادث المالطيون مع بعضهم قد يسمع المرء عبارات للتحية مثل "صحة" أو "بونجو" (صباح الخير) أو "بونسوا" (مساء الخير) أو "الليل الطيب" (تصبح على خير). أما عبارة من فضلك فمعناها هناك "جيك جوكهوكبوك" وشكرا "غراتسي" أو "حفنا".
تاريخ حافل
هذه الظاهرة الغريبة يمكن إدراكها من خلال معرفة التاريخ الحافل لأرخبيل الجزر الواقع جنوبي صقلية والذي نال استقلاله عام 1974. وقعت مالطة في الماضي البعيد تحت تأثير قرطاجة والفينيقيين، وهناك مصدر عربي يعود إلى القرن الخامس عشر يدل على أن العرب أفنوا كل سكان الأرخبيل تقريبا بعد وقوع مذبحة دموية في عام 870 م واستسلام الجيش البيزنطي هناك.
بعد مضي زمن طويل، أي في عام 1048 أسس مستوطنون صقليون هناك مستعمرة جديدة، وكانت صقلية يومها في يد العرب. بلغ عدد المستوطنين 5000 منهم 3000 من العبيد المسيحيين، وقد كانوا مسيحيين ينطقون اللغة العربية. في منتصف ذلك القرن هاجم أسطول مسيحي المستوطنة. وقد صمد حماة الجزيرة في وجه ذلك الأسطول لأنهم وعدوا كل العبيد بمنحهم الحرية في حالة وقوفهم بجانبهم.
الملفت للاهتمام أن النورمانديين الذين غزوا الجزيرة بعد ذلك بأربعين عاما لم يبعدوا عنها السكان الناطقين بالعربية. وقد نجم عن ذلك انصهار مالطة في بوتقة الحضارة العربية حتى القرن الثالث عشر. بعد ذلك منع القيصر فريدريك الثاني من سلالة شتاوفر اعتناق الدين الإسلامي، لكنه لم يحظر اللغة العربية نفسها.
العربية المالطية
تأثرت اللغة العربية هناك أثناء العصور الوسطى بمجموعة فرسان مالطة واكتسبت عبارات من اللغات الرومانية، بحيث أصبح لها طابع يمكن وصفه بطابع البحر الأبيض المتوسط. فحرف x على سبيل المثال ينطق كحرف الشين مثل تسمية الميناء البحري "مارساشلون" التي تعود إلى تأثير من اللغة الأسبانية القديمة.
يسمع الزائر في كل أماكن البيع وفي السوق عبارة "غراسي" المشتقة من الإيطالية، كما أنه يسمع صباحا العبارة المشتقة من الفرنسية "بونجو" في الأزقة الضيقة لمدينة فاليتا عاصمة مالطة ومركز قلاع مجموعة فرسان مالطة.
لم يتم تحديد طريقة كتابة لغة المالطيين إلا في نهاية العشرينيات من القرن الماضي، أما في القرون السابقة فقد اقتصر تداول هذه اللغة على الاستعمال الشفوي فقط. ويرجع الفضل إلىالبريطانيين، الذين كانوا آخر من استعمر الجزيرة، في تطور هذا الخليط الغريب للغة سامية تكتب بالأحرف اللاتينية.
وفي عام 1934 اعترف البريطانيون بها لغة رسمية للبلاد. وهي اليوم "لغة قومية" يتكلمها 380 ألف مواطن من سكان الجزيرة ومن المؤكد أن هناك مثل هذا العدد من المالطيين الذين يعيشون في المهجر في سائر أنحاء العالم.